ذكريات اكتوبر العظيم
حرب أكتوبر المجيدة تاريخ معروف للأمة العربية وللعالم أجمع ، تمر ذكراها كل عام على نفسي كما لم تمر من قبل ، صحيح أن الاحتفال كل عام له طعم خاص ، ولا أستطيع أن أخفى أن ذكرى أكتوبر تصاحبني طوال العام فهي جزء من تاريخي ومن حياتي ، وكثيرًا ما تسبقني دموعي إذا ما عاودتني ذكريات البطولة والتضحية وتذكرت زملائي الشهداء الذين سقطوا امام عيني وهم يواجهون العدو ، أو أشاهد بطلاً من أبطال أكتوبر يتحدث في عن نصر اكتوبر . ربما يعتقد البعض أنى أبالغ في الاحتفال بهذه الذكرى لأنني كنت أحد ابطال نصر اكتوبر العظيم، و كنت شاهدًا على هذا العصر وما وقع فيه من بطولات ابطال اكتوبر العظيم ومن صمود الشعب المصري و بطولاته التي لا تقل أهمية في التاريخ عن بطولات رجال أكتوبر العظيم ، فقد كانت موارد الدولة بأكملها موجهة إلى التسليح ، وكانت مرافق الدولة جميعها في أسوأ حال ، كان مرتب المؤهلات العليا عند بداية التعيين لا يتجاوز تسعة وعشرين جنيهًا ، وكانت السلع الأساسية غير متوافرة وتوزع بالبطاقات التموينية ، ورغم هذا كله كانت المظاهرات تخرج من الجامعات لتطالب بعام الحسم وليس برغيف الخبز أو بزيادة المرتبات التي نحن في أمس الحاجة اليها ونطالب بها اليوم لمحارية الغلاء الذي تفشى بصورة لم نشهدها من قبل ، كان هذا هو الشعب العظيم في 6 اكتوبر 1973 والذي دفع بأبطاله إلى طريق النصر .
كانت الأسرة المصرية التي تخاف على ولدها لا تمانع أبدًا في إرساله إلى حرب ضروس لا يعلم مداها إلا الله ، من أجل هذا استحق شعبنا النصر، ومن أجل هذا لم أفقد إيماني يوما بقدرة هذا الشعب العظيم على تحمل كل الصعاب لتحقيق المستحيل متى أراد .
في ذكرى أكتوبر يكثر الحديث عن بطولات الجيش العظيم، وهى بطولات مشرفة لا مثيل لها في التاريخ ، ورغم ان كل من لم يحاربوا في اكتوبر 73 وكل من لم يشاركوا في هذا النصر , هم من يعتلون المنابر ويلقون الخطب الرنانة ويمجدون انفسهم وينسبون النصر لأنفسهم ويتناسوا أبطال اكتوبر العظيم ولا ينال منهم ابطال أكتوبر سوى الترحم على الشهداء , ونسيان الأحياء منهم في جحود لا يليق بهم وبما قدموه .
فكل من بقي من أبطال أكتوبر لم يرسل لهم المحتفلون مرة دعوة واحدة لحضور الاحتفالات الصاخبه , التي يمجدون انفسهم فيها على انهم هم من صنع نصر أكتوبر , ونحن لا ننتظر منهم شيء فقد قمنا بواجبنا ونحن فخورين بانفسنا , فنحن نعيش كما يعيش المواطنين محدودي الدخل وكما كان الشعب المصري البطل الذي وقف بجانب ابنائه ابطال أكتوبر العظيم في بطولة لا يكاد يتحدث عنها أحد ، ايها المصريون الشرفاء كونوا فخورين بأبطال أكتوبر ولا تصدقوا أصحاب المهرجانات الذيين ينسبون النصر لأنفسهم ، وكونوا على قدر مسئولية الانتماء الى ابطال أكتوبر العظيم.